هل يجوز للمرأة أن تصلي ببنطال عريض؟


انتشر في الآونة الأخيرة سؤالٌ حول جواز صلاة المرأة بالبنطال العريض، خاصة مع تعدد أنواع الملابس واختلاف الموضات. وللإجابة على هذا السؤال، لا بد من الرجوع إلى الأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية، وكذلك أقوال أهل العلم المعتبرين في شروط لباس المرأة في الصلاة.


شروط لباس المرأة في الصلاة

يشترط في لباس المرأة أثناء الصلاة أن يكون:

  1. ساترًا لجميع البدن عدا الوجه والكفين (عند الجمهور).
  2. غير ضيقٍ ولا شفاف حتى لا يصف تفاصيل الجسم.
  3. غير مشابهٍ لملابس الرجال (تحاشيًا للنهي الوارد في الحديث).

الدليل من القرآن الكريم

قال الله تعالى:

﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: 31].
فالزينة هنا تعني اللباس الساتر، مما يدل على وجوب ستر الجسم في الصلاة.

الدليل من السنة النبوية

  • عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:“كَانَ الرَّكْبُ يَمُرُّونَ بِنَا وَمَعَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ” (أخرجه أبو داود).
    وهذا يدل على أن المرأة كانت تغطي جسمها بالكامل، بما في ذلك الوجه عند وجود الأجانب.
  • وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:“صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي دِرْعٍ خِمَارٍ لَا تُجْزِئُهَا حَتَّى تَكُونَ فِي إِزَارٍ وَدِرْعٍ سَابِغٍ يَغْشَى قَدَمَيْهَا” (رواه الدارقطني وحسنه الألباني).

حكم الصلاة بالبنطال العريض

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: المنع مطلقًا

يرى بعض العلماء أن البنطال -حتى لو كان واسعًا- لا يجوز في الصلاة لأنه من لباس الرجال، وقد نهت الأحاديث عن تشبه النساء بالرجال.

  • الدليل:
    عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم:“لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ” (رواه البخاري).
  • من العلماء الذين ذهبوا إلى هذا الرأي:
    • الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: قال إن البنطال من لباس الرجال، فلا يجوز للمرأة لبسه حتى لو كان فضفاضًا.
    • الشيخ صالح الفوزان: أفتى بعدم جواز الصلاة بالبنطال لأنه يشبه لباس الرجال.

القول الثاني: الجواز إذا كان واسعًا وغير شفاف

يرى آخرون أنه إذا كان البنطال واسعًا لا يصف العورة ولا يشبه لباس الرجال بشكل واضح، جازت الصلاة فيه.

  • الدليل:
    الأصل في اللباس الإباحة ما لم يرد دليل بالمنع، ولا يوجد نص صريح يمنع البنطال الواسع.
  • من العلماء الذين أجازوه بشروط:
    • الشيخ عبد الله المطلق (عضو هيئة كبار العلماء): ذكر أن البنطال العريض الذي لا يصف الجسم جائز.
    • دار الإفتاء المصرية: أفتت بأنه إذا كان البنطال فضفاضًا ولا يظهر تفاصيل الجسم، فلا حرج فيه.

الترجيح

الأحوط للمرأة أن تتجنب الصلاة بالبنطال خروجًا من الخلاف، خاصة إذا كان يشبه لباس الرجال. لكن إذا كان البنطال عريضًا جدًا ولا يصف الجسم ولا يشبه ملابس الرجال، فالصلاة فيه صحيحة إن شاء الله.

توصية عملية:

  • لبس الجلباب أو الثوب الفضفاض أولى وأسلم.
  • إذا اضطرت للبنطال العريض، فيجب أن يكون تحت عباءة طويلة تغطي الجسم بالكامل.

الخاتمة

المسألة فيها سعة، ولكن ينبغي للمرأة المسلمة أن تختار ما هو أبعد عن الشبهات وأقرب إلى الستر والاحتشام. والأفضل لها أن تسأل أهل العلم في بلدها لمعرفة العرف السائد في تشبه اللباس.

والله تعالى أعلم.

مصادر ومراجع:

  • فتاوى اللجنة الدائمة (8/196).
  • شرح زاد المستقنع للشيخ ابن عثيمين.
  • موقع الإسلام سؤال وجواب.
  • دار الإفتاء المصرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top