
جورج عبد الله (مواليد 1951) هو مناضل لبناني شيوعي وقائد سابق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، اعتقلته السلطات الفرنسية عام 1984 وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة “الانتماء إلى منظمة إرهابية” بسبب نضاله المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي والاستعمار. قضى أكثر من 40 عامًا في السجن رفضًا خلالها التنازل عن مبادئه أو التخلي عن القضية الفلسطينية، مما جعله أحد أبرز الأسرى السياسيين في العالم.
عُرف بمواقفه الثابتة المناهضة للإمبريالية والصهيونية، ورغم اختلافه الأيديولوجي مع الخطاب الإسلامي، إلا أن سيرته تثير أسئلة حول العدالة العالمية وموقف الإسلام من كل من يقاوم الظلم، بغض النظر عن انتمائه الفكري.
ففي عالمٍ يزداد فيه الظلمُ وتُخمدُ فيه الأصواتُ الحرة، يظل جورج عبد الله شمعةً تضيء في ظلام السجون، شاهدةً على أنَّ الإيمانَ بالعدل أقوى من كل القيود. من منظور إسلامي، ليست قضيتُه مجرد صراعٍ سياسي، بل هي نموذجٌ حيٌّ لثبات المؤمنين في وجه الطغيان، يُذكّرنا بصبر الأنبياء وصمود الصحابة الذين رفضوا الرضوخَ للباطل.
الإيمان والجهاد في سبيل القضية العادلة:
جورج عبد الله، المناضل الشيوعي الذي كرّس حياته للدفاع عن فلسطين، يحمل في سيرته درسًا إسلاميًا عميقًا: أنَّ نصرةَ المظلوم ليست حكرًا على دينٍ أو مذهب. فالقرآنُ الكريم يقول: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} (النساء: 75). نضالُه يُجسّد هذه الروح، حيث تحوّل السجنُ إلى منبرٍ لإعلاء كلمة الحق.
الصبر في مواجهة الظلم:
قضى عقودًا خلف القضبان، لكنّه لم يخن قناعاته، تمامًا كما صبر يوسف عليه السلام في السجن. في الإسلام، السجنُ ليس نهايةَ المطاف، بل اختبارٌ للإيمان. يقول تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} (غافر: 77). جورج عبد الله صبر، فصار رمزًا يُلهم الملايين بأنَّ الظلمَ زائلٌ مهما طال.
الوحدة ضد المستعمر:
رغم اختلافه الفكري مع الخطاب الإسلامي، إلا أنَّ نضالَه يُذكّر المسلمين بأنَّ العدوَّ المشترك (الاستعمار والصهيونية) يتطلب توحيدَ الصفوف. فالإسلامُ دعا للتعاون على البرّ والتقوى، ورفض التفرقة. هل ننسى أنَّ عمرَ المختار حارب المستعمرَ بسلاح الإيمان، حتى لو اختلفت الأدوات؟
جورج عبد الله ليس مجرد اسمٍ في ملفّات السجون، بل هو رسالةٌ للإنسانية: أنَّ الحريةَ تُنتزع لا تُوهب، وأنَّ الظالمَ لن يدومَ حكمُه. من واجبنا كمسلمين أن نستلهم من سيرته قيمَ العدل والصبر، وأن نعملَ -كلٌ بحسب موقعه- لإنصاف المظلومين، لأنَّ النصرَ مع اليقين.