لم يكن كره الغربيين للإسلام والمسلمين وليد هذا العصر، بل هو من زمن الحروب الصليبية التي كان أحد أسبابها -من وجهة نظرهم- تخليص بيت المقدس من شرور المسلمين.
يرى الغرب أن الحروب الصليبية بينهم وبين المسلمين لا زالت مستمرة. وبعد فشل الحملات الصليبية في تحقيق أهدافها بغض النظر عما حققته في الأندلس، فقد وجدوا أن من المستحيل القضاء على الإسلام عسكريًا. فذهبوا للبحث عن تحقيق ذلك بطرق أخرى سياسية.
يقول الكاتب أحمد الشيباني في كتابه “لماذا يكرهون الإسلام، ويكرهون محمدًا صلى الله عليه وسلم؟” أنهم قاموا بدراسة واعية بعد فشل الحروب الصليبية لكيفية القضاء على الإسلام مسترشدين بوصية لويس التاسع قائد الحملة الصليبية الثامنة التي قال فيها إنه لا يمكن الانتصار على المسلمين من خلال حرب، وإنما يمكن الانتصار عليهم من خلال السياسة.
ومن ضمن تلك الأفكار التي أوصى بها لويس التاسع: إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين، وعدم تمكين البلاد الإسلامية والعربية أن يقوم فيها حكم صالح، وإفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة والفساد والنساء حتى تنفصل القاعدة عن القمة. كما أن الحيلولة دون قيام جيش مؤمن بحق وطنه عليه، يضحي في سبيل مبادئه و الحيلولة دون قيام وحدة عربية في المنطقة يساعد في التفرقة بينهم. والعمل على قيام دولة غريبة في المنطقة العربية تمتد ما بين غزة جنوبًا إلى أنطاكيا شمالاً، ثم تتجه شرقاً، وتمتد حتى تصل إلى الغرب.
وبالفعل، فقام الغربيون بتطبيق هذه الوصايا وقاموا بعمل خطوات لتحقيق ذلك، فأول الخطوات كانت القضاء على الخلافة الإسلامية، وكان آخرها الخلافة العثمانية التركية. وتم إلغاؤها مقابل انسحاب بريطانيا منها بعد الحرب العالمية الأولى. وحاولوا القضاء على القرآن ومحوه. فقد قال حاكم الجزائر الفرنسي في ذكرى مرور مئة عام على استعمار الجزائر: “إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن، ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم.”
ومن ضمن مخططاتهم أيضًا، تدمير أخلاق المسلمين وعقولهم وصلتهم بالله، والقضاء على وحدتهم، وتشكيكهم بدينهم، وإبقائهم ضعفاء، وإبعادهم عن تحصيل القوة الصناعية، وإنشاء ديكتاتوريات سياسية في العالم الإسلامي، وإبعاد قادة الإسلام عن استلام الحكم، وإفساد المرأة وإشاعة الانحراف الجنسي.
وبالرغم من كل هذه التعبئة ضد الإسلام التي منبعها ورثة الصليبيين والصهاينة، ما زال هناك بصيص من الأمل رأيناه بعد أحداث السابع من أكتوبر الأخيرة. فقد رأى ملايين الناس قوّة وإيمان أهل غزة، واعتراف الكثير منهم بإساءة فهمهم للإسلام والمسلمين. ولا أحد يستغرب إنفاق ملايين الدولارات لمحاربة هذا الوعي الحاصل أثناء الحرب. ولكن هذا لا يعني أيضًا التواكل وعدم الأخذ بالأسباب لخوض هذه المعركة الضروس.