غَزْوَةُ تَبُوك أو غزوة العسرة كما سمًاها الله تعالى في الآية ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١١٧﴾ هي الغزوة التي خرج الرسول محمد لها في رجب من عام 9 هـ بعد العودة من حصار الطائف بنحو ستة أشهر. تُعد غزوة تبوك هي آخر الغزوات التي خاضها الرسول. بدأت تداعيات تلك الغزوة عندما قرر الروم إنهاء القوة الإسلامية التي أخذت تهدد الكيان البيزنطي المسيطر على المنطقة؛ فخرجت جيوش الروم العرمرمية بقوى بيزنطية وعربية تقدر بأربعين ألف مقاتل قابلها ثلاثون ألفًا من الجيش الإسلامي. انتهت المعركة بلا صدام أو قتال لأن جيش الروم تشتت وتبدد في البلاد خوفًا من المواجهة؛ مما رسم تغيرات عسكرية في المنطقة، جعلت حلفاء الروم يتخلون عنها ويحالفون العرب كقوة أولى في المنطقة. لذلك، حققت هذه الغزوة الغرض المرجو منها بالرغم من عدم الاشتباك الحربي مع الروم الذين آثروا الفرار شمالًا فحققوا انتصارًا للمسلمين دون قتال، حيث أخلوا مواقعهم للدولة الإسلامية، وترتب على ذلك خضوع النصرانية التي كانت تمت بصلة الولاء لدولة الروم مثل إمارة دومة الجندل، وإمارة إيلة (مدينة العقبة حاليًا على خليج العقبة الآسيوي)، وكتب الرسول محمد بينه وبينهم كتابًا يحدد ما لهم وما عليهم، وقد عاتب القرآن من تخلف عن تلك الغزوة عتابًا شديدًا، وتميزت غزوة تبوك عن سائر الغزوات بأن الله حث على الخروج فيها – وعاتب وعاقب من تخلف عنها – والآيات الكريمة جاءت بذلك، في قوله تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤١﴾.